ثم إن الله تعالى يكرمهم ويجازيهم على هذه الهداية ـ التي أعطاهم إياها ـ بجزاء عظيم جداً وهي الجنة، فكيف يمكن لأعمالهم أن تدرك هذا الجزاء الذي الفضل فيه لله أولاً وآخراً (?)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة من فضله (?)،" وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يُدْخِلَ الجنة عمله (?)، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة، واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل (?). وعن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل أحداً منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا إلا برحمة من الله (?)، وهو حديث متواتر (?).
وأما قوله تعالى: " وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (الأعراف، آية: 43)، وقوله: " فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (السجدة، آية: 17)، فلا تعارض بينها وبين الحديث لأن الآية تدل على أن العمل سبب، والحديث يدل أن الأعمال ليست ثمناً للجنة ولابد من رحمة الله تعالى حتى يبلغوا هذا العطاء العظيم (?).