ـ وقال تعالى: " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ " (يوسف، آية: 106).
وغير ذلك من الآيات من القرآن كثير مما يدل على اعترف الكفار بخالقهم وإقرارهم به (?)، وإنما عبدوا من دون الله ما عبدوا ليجعلوهم وسائط وشفعاء بينهم وبين الله، ومع ذلك يتخلون عنهم إذا نزلت بهم الشدائد ووقت الاضطرار، ومع هذا الإقرار فلم تغنى عنهم شيئاً ولم ينتفعوا به إذ لم يصبحوا به مسلمين ولم تعصم أموالهم ولا دماؤهم ولا أعراضهم، لأنهم أنكروا توحيد الألوهية، وأشركوا بربهم، ولم يلتزموا بلازم ما أقروا به إذ أن توحيد الربوبية يلزم منه توحيد الألوهية (?).
وهو أفراد الله عز وجل بجميع أنواع العبادات، إن المؤمن يشعر بطمأنينة كبيرة وهو يتأمل في ملكوت الله تبارك وتعالى فيرى عظمة الله في خلقه وحكمته البالغة في تدبيره " أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " (الملك، آية: 22).
والحديث عن عظمة الله يملاء القلب سكينة والتدبر في ملكوته يملءه إيمانا فحُق للشاعر أن يتسأل بعد جولة تأمل في مخلوقات الله سبحانه فقال:
قل للوليد بكى وأجْهَشَ بالبكاء
لدى الولادة ما الذي أبكاكا
وإذا ترى الثعبان ينفُثُ سُمّه
فاسأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو
تحيا وهذا السمُّ يملأُ فاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت
شهْدا وقل للشهد من حلَّاكا
بل سائل اللبن المصفّى كان
بين دم وفرثِ ما الذي صفَّاكا
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي
أبعد كل شيء ما الذي أدناكا
يا أيها الإنسان مهلاً ما الذي
بالله جلّ جلاله أغراكا (?)؟