ثم ترعى ثم تعود، ومن عجيب شأنها: أن لها أميراً يسمى " اليعسوب " لا يتم لها رواح ولا إياب، ولا عمل ولا مرعى إلا به، فهي مؤتمرة لأمره، سامعة له مطيعة، وله عليها تكليف وأمر ونهي، وهي منقادة لأمره، متبعة لرأيه يدبّرها، كما يدبّر الملك أمر رعيته، حتى إنها إذا آوت إلى بيوتها وقف على باب البيت فلا يدع واحدة تزحم الأخرى لا تتقدم عليها في العبور، بل تعبر بيوتها واحدة بعد واحدة بغير تزاحم ولا تصادم ولا تراكم، كما يفعل الأمير إذا انتهى بعسكره إلى معبر ضيق لا يجوز إلا واحد واحد ومن تدبر أحوالها وسياساتها وهدايتها واجتماع شملها وانتظام أمرها وتدبير ملكها، وتفويض كل عمل إلى واحد منها، يتعجب منها كل العجب، ويعلم أن هذا ليس في مقدورها ولا هو من ذاتها، فإن هذه أعمال محكمة متقنة في غاية الإحكام والإتقان، فمن الذي أوحى إليها أمرها، وجعل ما جعل في طباعها، ومن الذي هداها لشأنها؟ ومن الذي أنزل لها من الطّل ما إذا جنته ردّته عسلاً صافياً مختلفاً ألوانه في غاية الحلاوة واللذاذة والمنفعة (?)؟ إنه " الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015