وعقيدة ابراهيم عليه السلام هذه هي التي عبر عنها علماؤنا الأجلاء بقولهم: لا موالاة إلا بالمعاداة، ولا تصح الموالاة إلا بالمعاداة (?) كما قال تعالى عن إمام الحنفاء المحبين، أنه قال لقومه: " أفرأيتم ما تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين " فلم تصح لخليل الله هذه الموالاة والخلة إلا بتحقيق هذه المعادلة فإنه لا ولاء إلا لله، ولا ولاء إلا بالبراء من كل معبود سواه قال تعالى: " إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " (الزخرف، آية: 26، 28)، أي جعل هذه الموالاة لله، والبراءة من كل معبود سواه، كلمة باقية في عقبه يتوارثها الأنبياء بعضهم عن بعض، وهي كلمة لا إله إلا الله وهي التي ورثها أمام الحنفاء لأتباعه إلى يوم القيامة. وقد كان من نتيجة هذه المعاداة وهذا البراء القوي أن أجمع الطغاة على قتل إبراهيم ـ كما هو حال كل طاغية على مر عصور التاريخ في إبادة الدعاة إلى الله لا لشئ إلا لأنهم يدعونهم إلى عبادة الله وحده وجمعوا له ناراً عظيمة فكانت رعاية الله وحفظه تحوطان خليله الصادق عليه الصلاة والسلام فصارت النار برداً وسلاماً عليه، قال تعالى: " قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ " (الصافات، آية: 97 ـ 98).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015