ولاشك أن مفهوم الهيمنة أتمُّ وأشمل من مفهوم التصديق، لأن الهيمنة لا تقتصر على مجرد الشهادة لهذه الكتب بصحة إنزال أصولها وتقرير أصولها وشرائعها، بل تتعدى ذلك فتُبين ما اعتراها من نسخ أو تحريف، وما عرض لها من زيف وفساد، فالقرآن بذلك مهيمن على المعاني الصحيحة التي كانت في تلك الكتب، وشاهد بكونها من عند الله، وبذلك تتلاقى الهيمنة مع التصديق ولكنه كذلك يشهد على هذه الكتب بما أصابها من تحريف وتسرّب إليها من باطل، وبه تنفرد الهيمنة عن التصديق، فمفهومها إذن أتمّ، وأشمل من مفهوم التصديق (?).
لهيمنة القرآن العظيم على كتب الله المنزلة قبله ـ فوق ما تقدم من تصديقه لها ـ مظاهر متعددة من أهمها ما يلي:
قال تعالى:" فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ" (البقرة، آية: 79).
ففي جانب العقائد على سبيل المثال نفي القرآن العظيم ما صرّحت به الأناجيل المحرفة من قتل عيسى عليه السلام وصلبه.
فقال تعالى:" وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ" (النساء، آية: 157).