من هذا الاستعراض يتضح أن حفظ القرآن الكريم قد تم بطريقة لم يحظ بها كتاب آخر في تاريخ البشرية كلها، وذلك لأن الله تعالى هو الذي تعهد بحفظه قائلاً:" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر، آية: 9).
فوفق الله ـ سبحانه ـ نفراً من عباده الصالحين ليقوموا بهذا الدور العظيم في ظل من الرعاية الإلهية التي حفظت لنا القرآن حفظاً كاملاً، حرفاً حرفاً، وكلمة كلمة، وآية آية، وسورة سورة، في نفس لغة الوحي "اللغة العربية" على مدى يزيد على أربعة عشر قرناً، وتعهد ربنا ـ تبارك وتعالى ـ بهذا الحفظ تعهداً مطلقاً حتى يبقى القرآن العظيم شاهداً على الخلق أجمعين بأنه كلام رب العالمين (?).
يجيء ذكر الإيمان بالكتب السماوية في القرآن في صيغة الأمر تارة وصفة للمؤمنين تارة أخرى، كما يجيء عدم الإيمان بالكتب المنزلة أو الإيمان ببعضها دون البعض الآخر علامة على الكفر تارة ثالثة.
1ـ فمن أمثلة الأمر قوله تعالى:" قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (البقرة، آية: 136).
2ـ كما جاء في صيغة مشابهة له في سورة آل عمران قال تعالى:" قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (آل عمران، آية: 84).