ــ بيان الصراط المستقيم، وإقامة أسباب الهداية، باطناً وظاهراً، ومن لم تكتمل عنده هذه الأسباب لصغر أو لزوال عقل أو نحو ذلك فهؤلاء رفع عنهم التكليف، ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما في وسعهم ودليل هذه المرتبة من سورة يونس ـ عليه السلام ـ في قوله تعالى: "وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (يونس، آية: 25)، فاشتملت هذه الآية الكريمة على هداية البيان والإرشاد في قوله تعالى: " وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِالسَّلاَمِ"، وعلى الهداية الخاصة وهي هداية التوفيق والإلهام في قوله تعالى: " وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ" (يونس، آية: 13).
ــ وقال تعالى: " ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ" (يونس، آية: 74) نفي لهداية التوفيق عنهم لظلمهم، وهذا كما في قوله تعالى: " وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" (فصلت، آية: 17). فهداهم في الهداية الأولى هداية البيان والإرشاد فأعرضوا عنها لم يقبلوها فعاقبهم الله تعالى بالضلال جزاء إعراضهم وردهم الحق (?).