ـ وقال تعالى: "وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْهُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ" (الزخرف، آية: 19 ـ 20)، وقد رد الله في القرآن الكريم هذه المزاعم، ووصف أصحابها بالكذب والتخرص، صحيح ما يجري في الكون يجري بمشيئة الله الكونية، ويقع وفقاً لإرادته، ولكن دعوى المشركين أنهم وقعوا فيما وقعوا فيه بسبب تلك المشيئة الإلهية والإرادة الإلهية، باطل ومردود لما يأتي.
1ـ إن مشيئة الله غيب لا يعلمه أحد قبل أن يقع، فمن أين لهؤلاء المشركين أن يعلموها ويحيلون عليها شركهم وضلالهم، كما أن علم الإنسان محدود، ومن ثم لا أحد يستطيع أن يعلم ما قدره الله في المستقبل من خير أو شر إلا بعد وقوع أحدها له أو عليه، أما قبل ذلك فلا علم لأحد بما سيحصل " وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَاتَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (لقمان، آية: 34). فلو كان عند المشركين من حجة مقنعة بأن الله راضٍ بذلك فليظهروها، وإلا فإن دعواهم معرفة الغيب وكشف أسراره كذب على الله، ودعوى باطلة لا برهان لهم عليها.