وقال تعالى: " يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا" (البقرة، آية: 269). فهذا يتناول النوعين، فإنه يؤتيها من يشاء أمراً وديناً وتوفيقاً وإلهاماً (?).
وأنبياؤه ورسله وأتباعهم حظهم من هذه الأمور الديني منها وأعداؤه واقفون مع القدر الكوني، فحيث ما مال القدر مالوا معه، فدينهم دين القدر ودين الرسل، واتباعهم دين الأمر فهم يدينون بأمره، ويؤمنون بقدره، وخصماء الله يعصون أمره، ويحتجون بقدره، ويقولون: نحن واقفون مع مراد الله، نعم مع مراده الكوني لا الديني، ولا ينفعكم وقوفكم مع المراد الكوني، ولا يكون ذلكم عذراً لكم عنده إذ لو عذر بذلك لم يذم أحداً من خلقه ولم يعاقبه، ولم يكن في خلقه عاصٍ ولا كافر (?).
إن كلمة الحوقلة "لا حول ولا قوة إلا بالله" هي من الأذكار العظيمة القدر، الرفيعة المنزلة، العالية المرتبة، ولها من الفضائل والفوائد والمنافع ما لا يعلمه إلا الله سبحانه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه ويحثهم عليها، وتأتي هذه الكلمة في الأذكار المطلقة والمقيدة في مواضع كثيرة (?).
أولاً: فضلها: فمما يدل على فضلها وعلو منزلتها، ومما يرغب في الإكثار من قولها باللسان وإمرارها على الجنان أمور:
1 ـ إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عنها بأنها كنز من كنوز الجنة:
فعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس أربعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم، قال: وأنا خلفه وأنا أقول: قل، لا حول ولا قوة إلا بالله (?).