وأما الجعل الديني: كقوله:" مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَسَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَحَامٍ" (المائدة، آية: 103) أي: ما شرع ذلك ولا أمر به، وإلا فهو مخلوق له، واقع بقدره ومشيئته، وأما قوله:" جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ" (المائدة، آية: 97).
فهذا يتناول الجعلين، فإنها جعلها كذلك بقدره وشرعه وليس هذا استعمالاً للمشترك في معنييه، بل إطلاق اللفظ وإرادة القدر المشترك بين معنييه فتأمله. (?)
وأما الكلمات الكونية: كقوله:" كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ" (يونس، آية: 33).
وقوله:" وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ" (الأعراف، آية: 137).
وقوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق (?). فهذه كلماته الكونية التي يخلق بها ويكون، ولو كانت الكلمات الدينية التي يأمر بها وينهى لكانت مما يجاوزهن الفجار والكفار.
وأما الديني: كقوله:" وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ" (التوبة، آية: 6) والمراد به القرآن وقوله صلى الله عليه وسلم في النساء: واستحللتم فروجهن بكلمة الله (?)، أي: إباحته ودينه، وقوله:" فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء" (النساء، آية: 3).
وقد اجتمع النوعان في قوله:" وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ" (التحريم، آية: 12). فكتبه كلماته التي يأمر بها، وينهي ويحل ويحرم، وكلماته التي يخلق بها ويكون.
وأما البعث الكوني: كقوله:" فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ" (الإسراء، آية: 5).