ثم هذا التقدير اليومي تفصيل من تقدير الحولي، والحولي تفصيل من التقدير العمري عند تخليق النطفة، والعمري تفصيل من التخليق العمري الأول يوم الميثاق، وهو تفصيل من التقدير الأزلي الذي خطه القلم في الإمام المبين والإمام المبين هو من علم الله عز وجل، وكذلك منتهى المقادير في آخريتها إلى علم الله (?)، فانتهت الأوائل إلى أوليته وإنتهت الأواخر إلى آخريته "وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى" (النجم، آية: 42) (?).
تنقسم الإرادة في كتاب الله إلى إرادة كونية قدرية، وإرادة دينية شرعية.
هي المشيئة العامة التي يدخل فيها جميع المخلوقات من بر وفاجر وصالح وطالح، وهي إرادة الله تعالى لفعله، سواء إن كان المفعول منه محبوباً أو غير محبوب، يرضيه أم لا يرضيه، فالله تعالى يفعل ما يشاء، ولا يشاء شيئاً إلا بعد إرادته له، وكل ما كان منه فليس فيه إلا الجمال والجلال والحسن، أما أفعال العباد فهي منقسمة، ففيها الحسن وفيها القبيح، وليس للعباد أن يفعلوا ما يشاؤون، وإنما يفعلون ما يؤمرون به إمتثالاً وإنتهاءً، وهذا هو الحسن منهم، وتلك الإرادة متعلقة بالخلق، وهي من لوازم الربوبية، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ويدخل في هذه المشيئة خلق الأقوياء والضعفاء والفقراء والمؤمنين الكفار، والملائكة والشياطين، وخلق الخيرات والفضائل، وخلق السيئات والحسنات، وخلق التوفيق والخذلان، وخلق القوة والعجز، والبلادة والذكاء (?). وهذه بعض الآيات تدل على الإرادة الكونية.
ـ قال تعالى: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ" (الأنعام، آية: 112).
ــ قال تعالى: "وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ" (البقرة، آية: 353).