الايمان بالقدر (صفحة 322)

وقال صلى الله عليه وسلم: "أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس (?).

وقال الشاعر:

إن الغنى هو الغنى بنفسه ... ولو أنه عار المناكب حاف

ما كل ما فوق البسيطة كافياً ... وإذا قنعت فبعض شئ كاف

ولا يعرف هذا الغنى النفسي إلا من رضى بما قسمه الله، وقنع به.

والثاني: الإجمال في الطلب: فهو يسعى في رزقه، ويكدح في حياته، ولكن بإجمال واعتدال، وليس كأولئك الذين يلهثون أثناء النهار والليل مكدودي الأجسام، مشتتي القلوب، مهمومي النفوس، لا يشعرون بهدوء بال، ولا براحة نفس، ولا بإطمئنان فكر، فإن حصلوا على المزيد إزدادوا لهثاً وهما إن أخفقوا امتلئوا نكداً وغماً (?)، وفي الحديث إن روح القدس نفث في روعي: أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب (?).

وثالثها: ألا يتطلع إلى ما ليس في وسعه وليس من شأنه ويرضى بما وهب الله له مما لا يستطيع تغييره وفي حدود ما قدر له يجب أن يكون نشاطه وطموحه، فلا يعيش متمنياً ما لا يتيسر له، متطلعاً إلى ما وهب لغيره ولم يوهب له، وذلك كتمني الشيخ أن يكون له قوة الشباب، وتطلع المرأة الدميمة إلى الحسناء في غيرة وحسد، ونظرة الشاب القصير إلى الرجل الطويل في حسرة وتلهف، وطموح البدوي الذي يعيش في أرض فقراء بطبيعتها إلى رفاهية الحياة وأسباب النعيم، وكما حدث في عهد الرسول حين تمنى النساء أن يكن لهن ما للرجال، فأنزل الله: "وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ" (النساء، آية: 23) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015