الايمان بالقدر (صفحة 289)

ـ ومنها: أي من الحكم: أن يُظهر الله عز وجل كمال قدرته لخلقه، فالله عز وجل خلق جبريل وجعله رسولاً للأنبياء، فهو أمين وحي السماء الذي به حياة الأرواح، وخلق ميكائيل، وجعله على الأرزاق والأمطار التي بها حياة الأبدان، وخلق إسرافيل ووكله بالصور الذي ينفخ فيه بأمر الله، لتحيا الأبدان مرة أخرى، ففيه حياة الأبدان بعد أماتة الله لها يوم القيامة، وخلق سائر الملائكة، وخلق إبليس والشياطين، وذلك من أعظم آيات قدرته ومشيئته وسلطانه، فإنه خالق الأضداد كالسماء والأرض، والضياء والظلام، والجنة والنار، والماء والنار، والحر والبرد، والطيب والخبيث، والضد إنما يظهر جنسه بضده، فلولا القبيح لم نعرف فضيلة الجميل، ولولا الفقر لم نعرف قدرالغنى، وخلق الله آدم من غير أب ومن غير أم، وخلق حواء من أب دون أم، وخلق عيسى من أم دون أب، وخلق سائر البشر من أب وأم، لنعلم أن الله على كل شئ قدير، إن شاء أن يخلق بغير أب وبغير أم خلق، وإن شاء أن يخلق من أب وأم خلق، فالله سبحانه وتعالى يخلق الأضداد ليظهر كمال قدرته ومشيئته تبارك وتعالى.

ـ ومنها: أنه سبحانه وتعالى يحب أن يشكر بحقيقة الشكر وأنواعه، ولا ريب أن أولياءه نالوا بوجود عدو الله إبليس وجنوده وامتحانهم به من أنواع شكره ما لم يكن يحصل لهم بدونه، فكم بين شكر آدم وهو في الجنة قبل أن يخرج منها، وبين شكره بعد أن ابتلي بعدوه ثم اجتباه ربه وتاب عليه وقبله.

سبحانه من خلق الخلق بحكمته وعدله، فما من شئ في الكون صغر أو كبر علمناه أو جهلناه، رأيناه أم غاب عنا إلا وهو مخلوق لله بعدله وحكمه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015