قال تعالى:"أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" (النمل، آية: 62).
فالآية صريحة الدلالة على أن دعاء المضطر هو السبب في إجابة سؤاله وكشف السوء عنه وهذا من آيات الله العظيمة الدالة على وحدانيته وتفرده بالربوبية والألوهية ولهذا أعقبه بقوله:"أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" (?).
الإنسان من طبيعته إذا وقع في شدة وضيق عليه تحركت فطرته ومشاعره، واتجه إلى الله ونسى ما كان يدعو من قبل وهنا يوقن أنه لا منقذ إلا الله، وتنكشف عنه الحجب، ويزول الرين، وتذهب الغشاوة وينطرح بين يدي الله منكسراً متواضعاً مبتهلاً متضرعاً باكياً ويجأر إلى الله كاشف السوء مجيب المضطرين غياث المغيثين منقذ الهالكين، وجابر المنكسرين ومنقذ الغرقى، وسامع النجوى، فكم من ملحد نزلت به ضائقة آب إلى الله (?)، وكم من شارد فاسق وقع في مأزق تاب إلى الله ورجع إلى طاعته، فالفطرة خير شاهد وأقوى دليل وأنصع برهان، وأوضح حجة لأنها لا تحتاج إلى تركيب مقدمة وإقامة أدلة جدلية واستنتاج ودليلها لا يمكن مقاومته، ولا دفعه بالشبهات والوساوس، ألا ترى الإنسان إذا ما وقع في معصية يتجه مباشرة إلى السماء ويرفع يديه قائلاً: يا رب يا رب وهذه الحالة تهجم عليه وتسيطر على تفكيره وشعوره وتجعله يشعر أنه لا منقذ ولا منجي ولا مغيث إلا الله سبحانه وتعالى، فلو لم تدل الفطرة على تأثير الدعاء لما اتجهت إلى الدعاء ولكانت تلجأ إلى وسائل أخرى للاستغاثة والاستعانة (?).