فدلتّ الآيتان على أن الدعاء هو السبب في نجاته من عدة أوجه، منها إلغاء السببية، ومنها كلمتا: استجبنا ونجينا كما دلت على أن هذا ليس خاصاً به بل المؤمنون عامة إذا وقعوا في شدة واستغاثوا بربهم فهو ينجيهم، كما دلت أيضاً على أنه لولا الدعاء لما نجا من هذا الكرب العظيم ولبقي في بطن الحوت، وقد صرحت بذلك آية أخرى قال تعالى: "فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (الصافات، آية: 143 ـ 144).
فكلمة لولا في مثل هذا الموضع تدل على امتناع الجملة الثانية لوجود الأولى (?)، وهذا صريح قاطع في أن الدعاء هو السبب في نجاته ولو لم يحصل الدعاء لما نجا ولبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة (?).
ج ـ دعاء زكريا عليه السلام:
قال تعالى:"وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الأنبياء، آية: 89 ـ 90).
ففي هذا ترتيب للاستجابة على النداء، كما أن فيه تعليلاً للاستجابة بكونهم مسارعين في الخيرات، وداعين الله رغبة ورهبة (?).