وما ذهب إليه العلماء المحققون في فاعلية السبب في مسببه بإذن الله تعالى هو ما يتفق مع ظاهر النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة وهو المنهج الوسط والطريق الاسدّ في إعمال النصوص كلها على وجه الجمع دون الاقتصار على بعضها وهذا ما ذكرناه، هو ما ذهب إليه السلف الصالح وتلقاه أهل العلم بالقبول ولا يخفى أن اعتناق هذا الرأي يفسح الطريق أمام القيام بأعباء خلافة الإنسان في الارض والتفكر في سنن الله في الخلق وتوطئة للوقوف على أسبابها ونتائجها، ومن ثمّ التفاعل مع معطياتها بما يحقق إناطة تحمل المسئولية بالمكلفين في الدنيا والآخرة، وهو الأمر الذي يوسع ويثري من دائرة الدراسات الإجتماعية والنفسية والأخلاقية وفق المنهج الإسلامي، مما يعيد لهذه الأمة شهودها الحضاري ووسطيتها الشاملة التي ضمنها لها الشرع الشريف في قوله تعالى:"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" (البقرة، آية: 143)، وبذلك تعود الأمة إلى اصولها وخيريتها:"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" (آل عمران، آية: 110)، وبالأحرى تتخلص من تبعيتها للثقافات الوافدة التي ترزخ تحت وطأتها إلى يومنا هذا رغم عدم انسجامها مع معطيات الشرع وحقائق الفطرة (?).
2ـ قال صلى الله عليه وسلم: لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر (?): وشرح هذا الحديث:
أن "العدوى":انتقال المرض من المريض إلى الصحيح وكما يكون في الأمراض الحسية يكون في الأمراض المعنوية الخلقية، ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن جليس السوء كنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة، فقوله صلى الله عليه وسلم "عدوى" يشمل العدوى الحسية والمعنوية.