والمقصود بتأثير السبب في المسبب، أن خروج الفعل من العدم إلى الوجود كان بتوسط القدرة المحدثة بمعنى أن القدرة المخلوقة هي سبب وواسطة في خلق الله سبحانه وتعالى الفعل بهذه القدرة، كما خلق النبات بالماء، وكما خلق الغيث بالسحاب، وكما خلق جميع المسببات والمخلوقات بوسائط وأسباب، فهذا حق، وهذا شأن جميع الأسباب والمسببات. وليس إضافة التأثير بهذا التفسير إلى قدرة العبد شركاً، وإلا يكون إثبات جميع الأسباب شركاً، وقد قال الحكيم الخبير:"فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ" (الأعراف، آية: 57).
ـ وقال تعالى:"فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ" (النمل، آية: 60).
ـ وقال تعالى:"قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ" (التوبة، آية: 14).
كما أن تأثير العبد في فعله يتوقف على تحقيق الشرط وانتفاء المانع، فإذا فُسّر التأثير بوجود شرط الحادث أو سبب يتوقف حدوث الحادث به على سبب آخر وانتفاء موانع ـ وكل ذلك بخلق الله تعالى ـ فهذا حق، وتأثير قدرة العبد في مقدورها ثابت بهذا الاعتبار، وإن فُسر التأثير بأن المؤثر مستقل بالأثر من غير مشارك معاون ولا معاوق مانع فليس شيء من المخلوقات مؤثراً، بل الله وحده خالق كل شيء لا شريك له ولا ندله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
ـ يقول تعالى:"مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ" (فاطر، آية: 2).
ـ وقال تعالى:"قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ" (سبأ، آية: 22 ـ 23).