ولا شك أن القيادة تحتاج إلى لجان ومؤسسات وأجهزة حتى تستطيع أن تقوم بهذه المهمة العظيمة. إن سليمان كان مهتماً بمتابعة الجند وأصحاب الأعمال وخاصة إذا راب شيء في أحوالهم، فسليمان عليه السلام لما لم ير الهدهد بادر بالسؤال "مَالِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ" يعني "أهو غائب"؟ كأنه يسأل عن صحة ما لاح له (?)، ثم قال:"أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ" (النمل، آية: 20)، سؤال آخر ينم عن حزم في السؤال بعد الترفق، فسليمان عليه السلام أراد أن يفهم منه أنه يسأل عن الغائب لا عن شفقة فقط ولكن عن جد وشدة، إذا لم يكن الغياب بعذر (?).
ـ لابد للدولة من قوانين حتى تضبط الأمور بحيث يعاقب المسيئ، ويحسن للمحسن ولابد من مراعاة التدرج في تقرير العقوبة، وأن تكون على قدر الخطأ وحجم الجرم وهذا عين العدالة، ولهذا لم يقطع سليمان عليه السلام بقرار واحد في العقاب عند ثبوت الخطأ، بل جعله متوقفاً على حجم الخطأ "لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ .. " (النمل، آية: 21).
وقد استدل أهل العلم بهذه الآية على أن العقاب على قدر الذنب، وعلى الترقي من الشدة إلى الأشد بقدر ما يحتاجه إلى إصلاح الخلل (?).