الايمان بالقدر (صفحة 153)

وكذلك نجد قوم إبراهيم يصرون على عبادة التماثيل التي لا تضر ولا تنفع ولا يجدون جواباً لسؤال نبيهم:" مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ" (الأنبياء، آية: 52)، إلا أن قالوا:" قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ" (الأنبياء، آية: 53)، هذا هو الجواب، وهو جواب يدل على التحجر العقلي والنفسي داخل قوالب التقليد، في مقابلة حرية الإيمان وانطلاقه للنظر والتدبر، وتقويم الأشياء والأوضاع بقيمتها الحقيقية لا التقليدية، فالإيمان بالله يحرر الإنسان من القدسات الوهمية التقليدية والوراثات المتحجرة التي لا تقوم على دليل (?).

وقوم شعيب يقولون لنبيهم:" قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ" (هود، آية: 87). وقابل فرعون وملؤه دعوة موسى عليه السلام بالتقليد الأعمى المزري الذي يسيطر على العقول فيجعلها لا تفكر، وعلى البصائر فيقفلها فلا يجعلها تنظر أو تعتبر:" قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ" (يونس، آية: 78).

وأما كفار قريش فقد قال تعالى حاكياً أقوالهم:" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ" (المائدة، آية: 104).

ـ وقال تعالى:" أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ" (الزخرف، آية: 21 ـ 22).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015