ومن بين الأسباب التي رتب الله سبحانه وتعالى عليها الهداية لعباده، حسب سنته تعالى في الهداية والإضلال: الاعتصام بالله وهو الامتناع بالله والالتجاء والفزع إليه والتوكل عليه في دفع شرور الكفار التي تؤدي بالمؤمنين إلى الضلال الذي يريده الكفار من المؤمنين (?) عامّة في قوله:" وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ" (النساء، آية: 89). واليهود خاصة كما ورد في قوله:" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (آل عمران، آية: 99).
فقد بين سبحانه وتعالى أن الاعتصام بالله من التمسك بدينه والتوكل هو العمدة في الهداية إلى الصراط المستقيم والعمدة في مباعدة الغواية، والوسيلة إلى الرشاد وطريق السداد (?).
قال تعالى: " وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (آل عمران، آية: 101).
فقوله: " فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" جواب الشرط ولكونه ماضياً مع "قد" أفاد الكلام تحقق الهدى حتى كأنه حصل وأن الهداية حاصلة حسب سنته سبحانه لا محالة (?).
ونظراً لأهمية الاعتصام فقد جاءت عدة آيات في كتاب الله تدعو المؤمنين وتذكرهم بالاعتصام بالله وبعهده من ذلك قوله سبحانه وتعالى: " فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ
وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ" (الحج، آية: 78).
وقوله تعالى: " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ" (آل عمران، آية: 103).