حَيَّةٍ تُفْزِعُهُمْ بِذَلِكَ، وَالْعَادِي هُوَ الصَّائِلُ الَّذِي يَجُوزُ دَفْعُهُ بِمَا يَدْفَعُ ضَرَرَهُ وَلَوْ كَانَ قَتْلًا، وَأَمَّا قَتْلُهُمْ بِدُونِ سَبَبٍ يُبِيحُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ.
وَأَهْلُ الْعَزَائِمِ وَالْأَقْسَامِ يُقْسِمُونَ عَلَى بَعْضِهِمْ لِيُعِينَهُمْ عَلَى بَعْضٍ تَارَةً يَبِرُّونَ قَسَمَه، وَكَثِيرًا لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجِنِّيُّ مُعَظَّمًا عِنْدَهُمْ وَلَيْسَ لِلْمُعَزِّمِ وَعَزِيمَتِهِ مِنَ الْحُرْمَةِ مَا يَقْتَضِي إعَانَتَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إذْ كَانَ الْمُعَزِّمُ قَدْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُحَلِّفُ غَيْرَهُ وَيُقْسِمُ عَلَيْهِ بِمَنْ يُعَظِّمُهُ، وَهَذَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُهُ فَمَنْ أَقْسَمَ عَلَى النَّاسِ لِيُؤْذُوا مَنْ هُوَ عَظِيمٌ عِنْدَهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ ذَاكَ مَنِيعًا، فَأَحْوَالُهُمْ شَبِيهَةٌ بِأَحْوَالِ الْإِنْسِ لَكِنَّ الْإِنْسَ أَعْقَلُ وَأَصْدَقُ وَأَعْدَلُ وَأَوْفَى بِالْعَهْدِ؛ وَالْجِنُّ أَجْهَلُ وَأَكْذَبُ وَأَظْلَمُ وَأَغْدَرُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَرْبَابَ الْعَزَائِمِ مَعَ كَوْنِ عَزَائِمِهِمْ تَشْتَمِلُ عَلَى شِرْكٍ وَكُفْرٍ لَا تَجُوزُ الْعَزِيمَةُ وَالْقَسَمُ بِهِ فَهُمْ كَثِيرًا مَا يَعْجِزُونَ عَنْ دَفْعِ الْجِنِّيِّ وَكَثِيرًا مَا تَسْخَرُ مِنْهُمْ الْجِنُّ إذَا طَلَبُوا مِنْهُمْ قَتْلَ الْجِنِّيِّ الصَّارِعِ لِلْإِنْسِ أَوْ حَبْسَهُ فَيُخَيِّلُوا إلَيْهِمْ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ أَوْ حَبَسُوهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ تَخْيِيلًا وَكَذِبًا هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي يَرَى مَا يُخَيِّلُونَهُ صَادِقًا فِي الرُّؤْيَةِ فَإِنَّ عَامَّةَ مَا يَعْرِفُونَهُ لِمَنْ يُرِيدُونَ تَعْرِيفَهُ إمَّا بِالْمُكَاشَفَةِ وَالْمُخَاطَبَةِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ عِبَادِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَمُبْتَدِعَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تُضِلُّهُمْ الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، وَأَمَّا مَا يُظْهِرُونَهُ لِأَهْلِ الْعَزَائِمِ وَالْأَقْسَامِ أَنَّهُمْ يُمَثِّلُونَ مَا يُرِيدُونَ تَعْرِيفَهُ فَإِذَا رَأَى الْمِثَالَ أَخْبَرَ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ يَعْرِفُ أَنَّهُ مِثَالٌ وَقَدْ يُوهِمُونَهُ أَنَّهُ نَفْسُ الْمَرْئِيِّ، وَإِذَا أَرَادُوا سَمَاعَ كَلَامِ مَنْ يُنَادِيهِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ مِثْلَ مَنْ يَسْتَغِيثُ بِبَعْضِ الْعِبَادِ الضَّالِّينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَأَهْلِ الْجَهْلِ مِنْ عِبَادِ الْمُسْلِمِينَ إذَا اسْتَغَاثَ بِهِ بَعْضُ مُحِبِّيهِ فَقَالَ: يَا سَيِّدِي فُلَانُ فَإِنَّ الْجِنِّيَّ يُخَاطِبُهُ بِمِثْلِ صَوْتِ ذَلِكَ الْإِنْسِيِّ فَإِذَا رَدَّ الشَّيْخُ عَلَيْهِ الْخِطَابَ أَجَابَ ذَلِكَ الْإِنْسِيُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ الصَّوْتِ وَهَذَا وَقَعَ لِعَدَدٍ كَثِيرٍ أَعْرِفُ مِنْهُمْ طَائِفَةً.
وَكَثِيرًا مَا يَتَصَوَّرُ الشَّيْطَانُ بِصُورَةِ الْمَدْعُوِّ الْمُنَادَى الْمُسْتَغَاثِ بِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا. وَكَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ حَيًّا وَلَا يَشْعُرُ بِاَلَّذِي نَادَاهُ؛ بَلْ يَتَصَوَّرُ الشَّيْطَانُ بِصُورَتِهِ فَيَظُنُّ الْمُشْرِكُ الضَّالُّ