قِيلَ: هُوَ شَجَرٌ مِنْ أَخْبَثِ الشَّجَرِ يَكُونُ بِتُهَامَةَ وَبِالْبِلَادِ الْمُجْدِبَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِلصَّحَرَاءِ كَرِيهَةُ الرَّائِحَةِ صَغِيرَةُ الْوَرَقِ مَسْمُومَةٌ ذَاتُ لَبَنٍ إِذَا أَصَابَ جِلْدَ الْإِنْسَانِ تَوَرَّمَ وَمَاتَ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ. قَالَهُ قُطْرُبٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ.
ورُؤُسُ الشَّياطِينِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مرَادا بهَا رُؤُوس شَيَاطِينِ الْجِنِّ جَمْعِ شَيْطَانٍ بِالْمَعْنَى الْمَشْهُور ورؤوس هَذِهِ الشَّيَاطِينِ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ لَهُمْ، فَالتَّشْبِيهُ بِهَا حَوَالَةٌ عَلَى مَا تُصَوِّرُ لَهُمُ الْمُخَيِّلَةُ، وَطَلْعُ شَجَرَةِ الزَّقُّومِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فَوُصِفَ لِلنَّاسِ فَظِيعًا بَشِعًا، وَشُبِّهَتْ بشاعته ببشاعة رُؤُوس الشَّيَاطِينِ، وَهَذَا التَّشْبِيهُ مِنْ تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَعْقُولِ كَتَشْبِيهِ الْإِيمَانِ بِالْحَيَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِتُنْذَرَ مَنْ كانَ حَيًّا [يس:70] وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ هُنَا تَقْرِيبُ حَالِ الْمُشَبَّهِ فَلَا يَمْتَنِعُ كَوْنُ الْمُشَبَّهِ بِهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَلَا كَوْنُ الْمُشَبَّهِ كَذَلِكَ.
وَنَظِيرُهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ: وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ
وَقيل: أُرِيد برؤوس الشَّيَاطِينِ ثَمَرُ الْأَسْتَنِ، وَالْأَسْتَنُ (بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَفتح التَّاء) شَجَرَة فِي بَادِيَةِ الْيَمَنِ يُشْبِهُ شُخُوصَ النَّاسِ وَيُسمى ثمره رُؤُوس الشَّيَاطِينِ، وَإِنَّمَا سَمَّوْهُ كَذَلِكَ لِبَشَاعَةِ مَرْآهِ ثُمَّ صَارَ مَعْرُوفًا، فَشُبِّهَ بِهِ فِي الْآيَةِ. (?)
وقد يظهر بشكل الإنسان، ويحدِّثُ الناس، فيظنون أنه من الإنس، فعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ:" إِنَّ الشَّيْطَانَ لِيَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، فَيَأْتِي الْقَوْمَ، فَيُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ مِنَ الْكَذِبِ، فَيَتَفَرَّقُونَ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ: سَمِعْتُ رَجُلًا أَعْرِفُ وَجْهَهُ، وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ يُحَدِّثُ " (?)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: «إِنَّ فِي الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً، أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ، يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ، فَتَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرْآنًا» (?)