ونهيهم، والله هو الحي الذي لا يموت، فكم في إماتتهم من حكمة ومصلحة لهم وللأمة. هذا وهم بشر، ولم يخلق الله البشر في الدنيا على خلقة قابلة للدوام، بل جعلهم خلائف في الأرض، يخلف بعضهم بعضاً، فلو أبقاهم لفاتت المصلحة والحكمة في جعلهم خلائف، ولضاقت بهم الأرض، فالموت كمال لكل مؤمن، ولولا الموت لما طاب العيش في الدنيا، ولا هناء لأهلها بها، فالحكمة في الموت كالحكمة في الحياة."

رابعا- إلى أي مدى نجح الشيطان في إهلاك بني آدم؟

عندما رفض الشيطان السجود لآدم، وطرده الله من رحمته وجنته، وغضب عليه ولعنه، أخذ على نفسه العهد أمام ربّ العزة بأن يضلنا ويغوينا، ويعبدنا لنفسه: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)} [النساء:118 - 119]، {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:62]. (?)

فإلى أي مدى حقق الشيطان مراده من بني الإنسان؟

إن المسرِّحَ نظره في تاريخ البشرية يهوله ما يرى من ضلال الناس، وكيف كذبوا الرسل والكتب، وكفروا بالله ربهم، وأشركوا به مخلوقاته، قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103]

لقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - حريصا على إيمان قومه، رغبة في إيصال الخير الذي جاء به إليهم، ورحمة لهم مما ينتظر المشركين من نكد الدنيا وعذاب الآخرة. ولكن اللّه العليم بقلوب البشر، الخبير بطبائعهم وأحوالهم، ينهي إليه أن حرصه على إيمانهم لن يسوق الكثرة المشركة إلى الإيمان، لأنهم - كما قال في هذه الآيات - يمرون على الآيات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015