وعن الْقَاسِمَ بْنِ عُثْمَانَ الْجُوعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَقُولُ:" قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: بِعَيْنَيَّ مَا يَتَحَمَّلُ الْمُتَحَمِّلُونَ مِنْ أَجْلِي وَيُكَابِدُ الْمُكَابِدُونَ فِي طَلَبِ مَرْضَاتِي، فَكَيْفَ بِهِمْ وَقَدْ صَارُوا فِي جِوَارِي وَتَبَحْبَحُوا فِي رِيَاضِ خُلْدِي فَهُنَالِكَ فَلْيُبْشِرِ الْمُصْغُونَ إِلَى أَعْمَالِهِمْ بِالنَّظَرِ الْعَجِيبِ مِنَ الْحَبِيبِ الْقَرِيبِ، تَرَوْنَ أَنْ أُضَيِّعَ لَهُمْ عَمَلًا وَأَنَا أَجُودُ عَلَى الْمُوَلِّينَ عَنِّي فَكَيْفَ بِالْمُقْبِلِينَ عَلَيَّ، مَا غَضِبْتُ عَلَى أَحَدٍ كَغَضَبِي عَلَى مَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَاسْتَعْظَمَهُ فِي جَنْبِ عَفْوِي فَلَوْ كُنْتُ مُعَجِّلًا أَحَدًا وَكَانَتِ الْعَجَلَةُ مِنْ شَأْنِي لَعَاجَلْتُ الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَتِي، فَأَنَا الدَّيَّانُ الَّذِي لَا تَحِلُّ مَعْصِيَتِي وَلَا أُطَاعُ إِلَّا بِفَضْلِ رَحْمَتِي، وَلَوْ لَمْ أَشْكُرْ عِبَادِي إِلَّا عَلَى خَوْفِهِمْ مِنَ الْمُقَامِ بَيْنَ يَدَيَّ لَشَكَرْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلْتُ ثَوَابَهُمُ الْأَمْنَ مِمَّا خَافُوا، فَكَيْفَ بِعِبَادِي لَوْ قَدْ رَفَعْتُ قُصُورًا تَحَارُ لِرُؤْيَتِهَا الْأَبْصَارُ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لِمَنْ هَذِهِ الْقُصُورُ؟ فَأَقُولُ: لِمَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَلَمْ يَسْتَعْظِمْهُ فِي جَنْبِ عَفْوِي أَلَا وَإِنِّي مُكَافِئٌ عَلَى الْمَدْحِ فَامْدَحُونِي " (?)
وقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ أَسَدٍ الْمُحَاسِبِيَّ، يَقُولُ: «عَلَامَةُ أَهْلِ الصِّدْقِ مِنَ الْمُحِبِّينَ وَغَايَةُ أَمَلِهِمْ فِي الدُّنْيَا أَنْ تَصْبِرَ أَبْدَانُهُمْ عَلَى الدُّونِ وَأَنْ تَخْلُصُ لَهُمُ النِّيَّاتُ مِنْ فَسَادِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يُرِيدُ فِي الدُّنْيَا شَوَاهِدَ الْكَرَامَاتِ عِنْدَ سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ، وَغَايَةَ أَمَلِهِمْ فِي الْآخِرَةِ أَنْ يُنَعِّمَهُمْ بِنَظَرَهِ إِلَيْهِمْ فَنَعِيمُهَا الْإِسْفَارُ وَكَشَفُ الْحِجَابِ حَتَّى لَا يُمَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، وَاللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ ذَلِكَ بِهِمْ إِذَا اسْتَزَارَهُمْ إِلَيْهِ» وَحَدَّثَنِي بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَالَ:" أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ: بِعَيْنَيَّ مَا يَتَحَمَّلُ الْمُتَحَمِّلُونَ مِنْ أَجْلِي وَمَا يُكَابِدُ الْمُكَابِدُونَ فِي طَلَبِ مَرْضَاتِي فَكَيْفَ إِذَا صَارُوا إِلَى جَوَارِي وَاسْتَزَرْتُهُمْ لِلْمَقْعَدِ عِنْدِي أَسْفَرْتُ لَهُمْ عَنْ وَجْهِي، فَهُنَالِكَ فَلْيُبْشِرِ الْمُصْفُونَ لِلرَّحْمَنِ أَعْمَالَهُمْ بِالنَّظَرِ الْعَجِيبِ مِنَ الْحَبِيبِ الْقَرِيبَ أَتُرَانِي أَنْسَى لَهُمْ عَمَلًا كَيْفَ وَأَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ؟ أَجْوَدُ عَلَى الْمُوَلِّينَ عَنِّي فَكَيْفَ بِالْمُقْبِلِينَ عَلَيَّ وَمَا غَضِبْتُ عَلَى شَيْءٍ كَغَضَبِي عَلَى مَنْ أَخْطَأَ خَطِيئَةً ثُمَّ اسْتَعْظَمَهَا فِي جَنْبِ عَفْوِي وَلَوْ عَاجَلْتُ أَحَدًا بِالْعُقُوبَةِ لَعَاجَلْتُ الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَتِي وَلَوْ يَرَانِي