وقال الشيخ ولي زار بن شاهز الدين - حفظه الله -:أما القضية من حيث الواقع: فالكل قد جوز وقوعها، وحيث إن النصوص ليست قاطعة في ذلك - جوازاً أو منعاً -:فإننا نميل إلى عدم الجواز شرعاً؛ لما يترتب على جوازه من المخاطر التي تتمثل في:
1.وقوع الفواحش بين بني البشر، ونسبة ذلك إلى عالم الجن، إذ هو غيب لا يمكن التحقق من صدقه، والإسلام حريص على حفظ الأعراض وصيانتها ودرء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، كما هو مقرر في الشريعة الإسلامية.
2.ما يترتب على التناكح بينهما من الذرية والحياة الزوجية - الأبناء لمن يكون نسبهم؟ وكيف تكون خلقتهم؟ وهل تلزم الزوجة من الجن بعدم التشكل؟ - ...
3.إن التعامل مع الجن على هذا النحو لا يسلم فيه عالم الإنس من الأذى، والإسلام حريص على سلامة البشر وصيانتهم من الأذى.
وبهذا نخلص إلى أن فتح الباب سيجر إلى مشكلات لا نهاية لها، وتستعصي على الحل، أضف إلى ذلك أن الأضرار المترتبة على ذلك يقينية في النفس والعقل والعرض، وذلك من أهم ما يحرص الإسلام على صيانته، كما أن جواز التناكح بينهما لا يأتي بأية فائدة. ولذلك فنحن نميل إلى منع ذلك شرعا، وإن كان الوقوع محتملاً.
وإذا حدث ذلك، أو ظهرت إحدى المشكلات من هذا الطراز: فيمكن اعتبارها حالة مرضية تعالج بقدرها، ولا يفتح الباب في ذلك. (?)
وقال الشنقيطي رحمه الله:" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ الْمُنَاكَحَةِ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْجِنِّ. فَمَنَعَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَبَاحَهَا بَعْضُهُمْ.
قَالَ الْمَنَاوِيُّ (فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ):فَفِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ لِلْحَنَفِيَّةِ: لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَإِنْسَانِ الْمَاءِ ; لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. وَفِي فَتَاوَى الْبَارِزِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَجُوزُ التَّنَاكُحُ بَيْنَهُمَا. وَرَجَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ جَوَازَهُ. اهـ.