قَدْرَكَ» فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ» (?)
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَسْمَعُ مَا يَقُولُونَهُ وَيُخْبِرُونَ بِهِ عَنِ الْجِنِّ كَمَا يَسْمَعُ الْمُسْلِمُونَ مَا يَقُولُ الْكُفَّارُ وَالْفُجَّارُ لِيَعْرِفُوا مَا عِنْدَهُمْ فَيَعْتَبِرُوا بِهِ، وَكَمَا يُسْمَعُ خَبَرُ الْفَاسِقِ وَيُتَبَيَّنُ وَيُتَثَبَّتُ فَلَا يُجْزَمُ بِصِدْقِهِ وَلَا كَذِبِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6].
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَؤُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:136] (?)
فَقَدْ جَازَ لِلْمُسْلِمِينَ سَمَاعُ مَا يَقُولُونَهُ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ وَلَمْ يُكَذِّبُوهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: أَبْطَأَ عَلَيْهِ خَبَرُ عُمَرَ، فَكَلَّمَ امْرَأَةً فِي بَطْنِهَا شَيْطَانٌ، فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ شَيْطَانِي فَأَسْأَلُهُ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ مُتَّزِرًا بِكِسَاءٍ يَهْنَأُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ، وَقَالَ: لَا يَرَاهُ الشَّيْطَانُ إِلَّا خَرَّ لِمِنْخَرَيْهِ، لَلْمَلَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَرُوحُ الْقُدُسِ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ. (?)
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ جَيْشًا فَقَدِمَ شَخْصٌ إلَى الْمَدِينَةِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ انْتَصَرُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ وَشَاعَ الْخَبَرُ فَسَأَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَ لَهُ فَقَالَ: هَذَا أَبُو الْهَيْثَمِ بَرِيدُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْجِنِّ وَسَيَأْتِي بَرِيدُ الْإِنْسِ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِدَّةِ أَيَّامٍ. (?)