ماء حار، وإما بقتل بعضهم، وإن كان الإنس لا يعرف ذلك، وفي الجن جهل وظلم، فيعاقبونه بأكثر مما يستحقه، وقد يكون عن عبث منهم وشرّ بمثل سفهاء الإنس ". (?)
واجبنا تجاه هؤلاء:
ذكرنا أن الجن عباد مأمورون متعبدون بالشريعة، فإذا استطاع المسلم أن يصل إلى مخاطبتهم، كما يحدث مع الجني الذي يصرع الإنسان، وجب القيام بذلك.
فإذا كان صرع الجني للإنسي من الباب الأول (عن شهوة وهوى)،فهو من الفواحش التي حرمها الله تعلى على الإنس والجن، ولو كانت برضا الطرف الآخر، فكيف مع كراهته، فإنّه فاحشة وظلم. فيخاطب الجن بذلك، ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة، أو فاحشة وعدوان؛ لتقوم الحجة عليهم بذلك، ويعلموا أنه يحكم فيهم بحكم الله ورسوله الذي أرسله إلى جميع الثقلين: الإنس والجن.
وما كان من الثاني (إيذاء بعض الإنس لهم)،فإن كان الإنسي لم يَعْلَمْ، فيخاطبون بأن هذا لم يعلم، ومن لم يتعمد الأذى لا يستحق العقوبة، وإن كان قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا بأنها ملكه، فله أن يتصرف فيها بما يجوز، وأنتم ليس لكم أن تمكثوا في ملك الإنس بغير إذنهم، بل لكم ما ليس من مساكن الإنس كالخراب والفلوات ...
ويقول ابن تيمية (?):" والمقصود أن الجن إذا اعتدوا على الإنس، أخبروا بحكم الله ورسوله، وأقيمت عليهم الحجة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، كما يفعل بالإنس؛ لأن الله يقول: (وما كنَّا معذبين حتَّى نبعث رسولاً) [الإسراء:15]،وقال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام:130]