وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَرْقُونَ مِنَ الْحَيَّةِ , فَنَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الرُّقَى. فَأَتَاهُ رَجُلٌ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنِّي كُنْتُ أَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ , وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ , فَلْيَفْعَلْ» قَالَ: وَأَتَاهُ رَجُلٌ كَانَ يَرْقِي مِنَ الْحَيَّةِ , فَقَالَ «اعْرِضْهَا عَلَيَّ» فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ , فَقَالَ: «لَا بَأْسَ بِهَا , إِنَّمَا هِيَ مَوَاثِيقُ» فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَا رُوِيَ فِي إِبَاحَةِ الرُّقَى , نَاسِخٌ لِمَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْهَا. ثُمَّ أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي تِلْكَ الرُّقَى , كَيْفَ هِيَ؟ فَإِذَا عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذَلِكَ أَيْضًا , أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا مَا لَمْ يَكُنْ شِرْكٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيْضًا عن الرَّبَابَ قَالَتْ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ: مَرَرْنَا بِسَيْلٍ , فَدَخَلْنَا نَغْتَسِلُ , فَخَرَجْتُ مِنْهُ وَأَنَا مَحْمُومٌ , فَنُمِيَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ , فَلْيَتَعَوَّذْ».فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي , إِنَّ الرُّقَى صَالِحَةٌ؟ فَقَالَ: لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ , مِنَ النَّظْرَةِ , وَالْحُمَّةِ , وَاللَّدْغَةِ " فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا أَبَاحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الرُّقَى , هُوَ التَّعَوُّذُ. فَأَمَّا قَوْلُ سَهْلٍ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ , فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ إِبَاحَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ نَهْيِهِ الْمُتَقَدِّمِ , وَلَمْ يَعْلَمْ مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا رَوَيْنَا عَنْ غَيْرِهِ , أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: اشْتَكَيْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».قَالَ: «بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي نَفْسٍ وَنَفَسٍ , وَعَيْنٍ , اللهُ يَشْفِيكَ , بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ»
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ، ابْنِ أَخِي مَيْمُونَةَ قَالَ: إِنَّ مَيْمُونَةَ قَالَتْ لَهُ: أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: بَلَى قَالَتْ: «بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ , وَاللهُ يَشْفِيكَ , مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ , أَذْهِبِ الْبَأْسَ , رَبَّ النَّاسِ , وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي , لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ» فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الرُّقَى , لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدِيثِ عَوْفٍ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ شِرْكٌ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ رُقْيَةٍ لَا شِرْكَ فِيهَا , فَلَيْسَتْ بِمَكْرُوهَةٍ , وَاللهُ أَعْلَمُ". (?)