الأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ «تَعَالَ هِىَ صَفِيَّةُ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ هَذِهِ صَفِيَّةُ - فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» (?).
وقد استدل بهذا الحديث على قدرة الجن سلوك بدن الإنسان جماعة من علماء وأئمة أهل السنة والجماعة منهم: القرطبي في تفسيره، وابن تيمية في فتاويه، وابن حجر الهيثمي وردَّ به على المعتزلة منكري ذلك، والبقاعي في تفسيره، وابن حجر العسقلاني في بذل الماعون، والعلامة موفق الدين بن عبد اللطيف البغدادي، والقاسمي في تفسيره، وحكى النووي أن بعض علماء الشافعية استدلوا بالحديث على أن الله جعل للشيطان قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه.
وعَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ مِنْ كَتَّانٍ فَتَمَخَّطَ فِيهَا، وَقَالَ:" بَخٍ بَخٍ، أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الْكَتَّانِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَحُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَيَّ مِنَ الْجُوعِ، فَيَمُرُّ بِيَ الْمَارُّ فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي فَيَقُولُ النَّاسُ: إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ، وَمَا بِي مِنْ جُنُونٍ إِلَّا الْجُوعُ ".وَفِي رِوَايَةِ " إِنِّي لَأَخِرُّ بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَيَّ فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي وَيَرَى أَنَّ بِي جُنُونًا، مَا بِي مِنْ جُنُونٍ إِلَّا الْجُوعُ " (?).
ووجه الدلالة واضح وهو أنَّ من مرَّ من الصحابة رضوان الله عليهم بأبي هريرة كان يظنه مجنونا فيضع رجله على رقبته؛ لأن من علاج الجن وإخراجهم الضرب حتى يخرج من بدن المصروع، ولهذا قال الذهبي معقبا على الأثر آنف الذكر: (كان يظنه من يراه مصروعا، فيجلس فوقه ليرقيه أو نحو ذلك) (?)