وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:" نَزَلَتْ بِنَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنِّيُّونَ، وَالنَّفَرُ مِنَ الْعَرَبِ لَا يَشْعُرُونَ بِذَلِكَ، يَعْنِي قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء:57]. (?).
كثيرٌ من الناس في عصرنا وقبل عصرنا شاهد شيئاً من ذلك، وإنَّ كان كثير من الذين يشاهدونهم ويسمعونهم لا يعرفون أنهم جنّ؛ إذ يزعمون أنّهم أرواح، أو رجال الغيب، أو رجال الفضاء ...
وأصدقُ ما يروى في هذا الموضع رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - للجن، وحديثه معهم، وحديثهم معه، وتعليمه إياهم، وتلاوته القرآن عليهم، وسيأتي ذكر ذلك في مواضعه. (?).
وقال بعض العلماء: عالم الجن من العوالم الكونية، كعالم الملائكة وقد أخبر الله- تعالى- أنه خلقه من مارج من نار، أي: أن عنصر النار فيه هو الغالب، وأنه يرى الأناسي وهم لا يرونه، أي: بصورته الجبلية، وإن كان يرى حين يتشكل بأشكال أخرى، كما رئي جبريل حين تشكل بشكل آدمي.
وأخبر- سبحانه- بأن الجن قادرون على الأعمال الشاقة. وأن الله سخر الشياطين لسليمان يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل ...
وأخبر بأن من الجن مؤمنين، وأن منهم شياطين متمردين، ومن هؤلاء إبليس اللعين.
ولم يختلف أهل الملل في وجودهم، بل اعترفوا به كالمسلمين، وإن اختلفوا في حقيقتهم، ولا تلازم بين الوجود والعلم بالحقائق، ولا بينه وبين الرؤية بالحواس، فكثير من الأشياء الموجودة لا تزال حقائقها مجهولة، وأسرارها محجوبة، وكثير منها لا يرى