وقد اضطربت عقائدُ الناس الذين ابتعدوا عن الوحي في الإيمان بالجن ما بين مؤمن بهم، وما بين منكر لهم، وفي عصرنا هذا كثرت الدعوات التي يزعم أصحابها أنهم يتبعون الحقائق العلمية، والتي تنكر وجود هذه المغيبات عنا لأنها لا تُرى بوسائل الحس والمشاهدة، ونسي هؤلاء أن كثيرا مما يؤمنون به لا يُرى بوسائل الحسِّ والمشاهدة، ولكنه الاستكبار وإنكار حقائق الدين الحق.
وانتشرت بين المسلمين كثيرٌ من الأوهام والخرافات حول الجن والشياطين، والعلاقة بينهم وبين الإنسان، وكثرت الكهانة والعرافة والسحر والشعوذة والتي تعتمد على الجنِّ.
وقد ألفت كتبٌ قليلة في هذا الموضوع، وأهمها كتاب ((آكام المرجان في أحكام الجان)) للشبلي، وهو كتاب جامع، وفيه كثير من الفوائد، ولكنه – رحمه الله -قد ملأه بالأحاديث والروايات الواهية والمنكرة. ومع هذا فقد أفدت منه كثيرا ...
وقد تكلم عنهم طويلا وعن علاقتهم بالإنس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في مجموع الفتاوى ....
ومن الكتب المعاصرة كتاب ((عالم الجن والشياطين)) للدكتور عمر سليمان الأشقر حفظه الله، وهو كتاب قيِّمٌ ونافعٌ ... ولكنه مختصر، وفاته أشياء كثيرة، وقدت أفدت منه كثيرا.
وفي كتاب ((الجامع الصحيح للسنن والمسانيد)) الجزء الأول بحث عن الإيمان بالجن، وهو بحث قيِّم، ولكن الأحاديث فيه متداخلة ... وقد أفدت منه ..
وفي كتابي هذا جمعتُ ما تناثر في هذا الموضوع الجلل، من مصادره الأساسية.
وقد اشتمل كتابنا هذا على عشرين مبحثا وهي:
المبحث الأول-وجوب الإيمان بالغيب
المبحث الثاني-وجوب الإيمان بالجن
المبحث الثالث-أنواعُ الجن وطوائفهم، وفيه تفصيل عن الشياطين
المبحث الرابع-قدرات الجن