عَنِ الْأَنْبِيَاءِ تَوَاتُرًا ظَاهِرًا تَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ لَمْ يُمْكِنْ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الطَّوَائِفِ الْمُؤْمِنِينَ بِالرُّسُلِ أَنْ تُنْكِرَهُمْ ". (?).
وقال أيضاً:"جَمِيعَ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ يُقِرُّونَ بِوُجُودِ الْجِنِّ، وَكَذَلِكَ جُمْهُورُ الْكُفَّارِ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ عَامَّةُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الهذيل وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ حَامٍ، وَكَذَلِكَ جُمْهُورُ الْكَنْعَانِيِّينَ واليونانيين وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ يافث. فَجَمَاهِيرُ الطَّوَائِفِ تُقِرُّ بِوُجُودِ الْجِنِّ، بَلْ يُقِرُّونَ بِمَا يَسْتَجْلِبُونَ بِهِ مُعَاوَنَةَ الْجِنِّ مِنِ الْعَزَائِمِ وَالطَّلَاسِمِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ سَائِغًا عِنْدَ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَوْ كَانَ شِرْكًا " (?).
وقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ:"والتمسك بالظواهر والآحاد تكلّفٌ منا مَعَ إِجْمَاع كَافَّة الْعلمَاء فِي عصر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على وجود الْجِنّ وَالشَّيَاطِين، والاستعاذة بِاللَّه تَعَالَى من شرورهم، وَلَا يراغم مثل هَذَا الِاتِّفَاق متدين متشبث بمسكه من الدّين ثمَّ سَاق عدَّة أَحَادِيث، ثمَّ قَالَ: فَمن لم يرتدع بِهَذَا وَأَمْثَاله فَيَنْبَغِي أَن يتهم فِي الدّين ويعترفَ بالانسلال مِنْهُ، على أَنه لَيْسَ فِي إِثْبَات الشَّيَاطِين ومردة الْجِنّ مَا يقْدَحُ فِي أصل من أصُول الْعقلِ وَقَضِيَّةِ من قضاياهُ ". (?).
وقال ابن حجر الهيتمي:" وَأما الجان فَأهل السّنة يُؤمنُونَ بوجودهم، وإنكار الْمُعْتَزلَة لوجودهم فِيهِ مُخَالفَة للْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع، بل ألزموا بِهِ كفرا لِأَن فِيهِ تَكْذِيب النُّصُوص القطعية بوجودهم، ومِنْ ثُمَّ قَالَ بعض الْمَالِكِيَّة: الصَّوَاب كفر من أنكر وجودهم، لِأَنَّهُ جحد نَص الْقُرْآن وَالسّنَن المتواترة وَالْإِجْمَاع الضَّرُورِيّ .. " (?).
جاءَت نصوص كثيرة تقرر وجودهم كقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ