فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا , وَإِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَلَا تَكْتُبُوهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ هُوَ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً " (صحيح)

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ يُونُسَ يَقُولُ: ثُمَّ قَرَأْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى سُفْيَانَ , بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنَا بِهِ , فَزَادَنِي فِي الْحَسَنَةِ:" فَاكْتُبُوهَا إلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ " , وَزَادَنِي فِي السَّيِّئَةِ:" فَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ خَشْيَتِي " فَانْتَفَى بِذَلِكَ مَا ادَّعَاهُ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى الْمُحَدِّثِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُمْ , وَعَادَ الْحَدِيثُ إلَى مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا بِالنَّصْبِ , كَمَا نَقَلُوهُ إلَيْنَا , لَا بِالرَّفْعِ , وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ" (?)

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" قالَ الكَرمانِيُّ: فِيهِ أَنَّ الوُجُود الذِّهنِيّ لا أَثَر لَهُ وإِنَّما الاعتِبار بِالوُجُودِ القَولِيّ فِي القَولِيّات والعَمَلِيّ فِي العَمَلِيّات، وقَد احتَجَّ بِهِ مَن لا يَرَى المُؤاخَذَةَ بِما وقَعَ فِي النَّفس ولَو عَزَمَ عَلَيهِ، وانفَصَلَ مَن قالَ يُؤاخَذ بِالعَزمِ بِأَنَّهُ نَوع مِنَ العَمَل يَعنِي عَمَل القَلب.

قُلت: وظاهِر الحَدِيث أَنَّ المُراد بِالعَمَلِ عَمَل الجَوارِح لأَنَّ المَفهُوم مِن لَفظ " ما لَم يَعمَل " يُشعِرُ بِأَنَّ كُلّ شَيء فِي الصَّدر لا يُؤاخَذُ بِهِ سَواءٌ تَوطَّنَ بِهِ أَم لَم يَتَوطَّن، وقَد تَقَدَّمَ البَحثُ فِي ذَلِكَ فِي أَواخِر الرِّقاق فِي الكَلام عَلَى حَدِيث " مَن هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لا تُكتَب عَلَيهِ.

وفِي الحَدِيث إِشارَة إِلَى عَظِيم قَدر الأُمَّة المُحَمَّدِيَّة لأَجلِ نَبِيّها - صلى الله عليه وسلم - لِقَولِهِ:"تَجاوزَ لِي " وفِيهِ إِشعار بِاختِصاصِها بِذَلِكَ، بَل صَرَّحَ بَعضهم بِأَنَّهُ كانَ حُكم النّاسِي كالعامِدِ فِي الإِثم، وأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الإِصرِ الَّذِي كانَ عَلَى مَن قَبلنا. (?)

2 - تمثل الشياطين:

أحياناً تأتي الشياطين لا بطريق الوسوسة؛ بل تتراءى له في صورة إنسان، وقد يسمع الصوت، ولا يرى الجسم، وقد تتشكل بصور غريبة ... وهي أحياناً تأتي الناس وتعرفهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015