وبهذه الوسوسة أضل آدم وأغواه بالأكل من الشجرة: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: 120].

فَجَاءَهُ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ نَاصِحٍ مُشْفِقٍ، وَحَاوَلَ إِغْرَاءَهُ وَإِضْلاَلَهُ لِيُخَالِفَ مَا عَهِدَ إِلَيْهِ رَبُّهُ، وَقَالَ لَهُ إِنَّ الشَّجَرَةَ الَّتِي نَهَاكُمَا اللهُ عَنِ الأَكْلِ مِنْهَا هِيَ شَجَرَةُ الخُلُودِ، مَنْ أَكَلَ مِنْهَا أَصْبَحَ مِنَ الخَالِدِينَ، وَأَصْبَحَ ذَا سُلْطَانٍ، وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى وَلاَ يَنْتَهِي، فَضَعُفَ آدَمُ وَزَوْجُهُ تِجَاهَ هَذا الإِغْرَاءِ بِالمُلْكِ، وَالعُمْرِ المَدِيدِ، وَنَسِيَا مَا عَهَدَ اللهُ بِهِ إِلَيْهِمَا، فَأَكَلاَ مِنَ الشَّجَرَةِ. (?)

وقد تتمثل الشياطين في صورة بشر، وقد يحدّثون الإنسان، ويُسمِعونه، ويأمرونه، وينهونه، بمرادهم ...

وقال ابن تيمية رحمه الله: "الْوَسْوَاسُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَمْنَعُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ بَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْخَوَاطِرِ فَهَذَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ؛ لَكِنْ مَنْ سَلِمَتْ صَلَاتُهُ مِنْهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّنْ لَمْ تَسْلَمْ مِنْهُ صَلَاتُهُ. الْأَوَّلُ شِبْهُ حَالِ الْمُقَرَّبِينَ وَالثَّانِي شِبْهُ حَالِ الْمُقْتَصِدِينَ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ مَا مَنَعَ الْفَهْمَ وَشُهُودَ الْقَلْبِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الرَّجُلُ غَافِلًا فَهَذَا لَا رَيْبَ أَنَّهُ يَمْنَعُ الثَّوَابَ كَمَا رَوَي عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَخَفَّفَهُمَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، أَرَاكَ قَدْ خَفَّفْتَهُمَا، قَالَ: إِنِّي بَادَرْتُ بِهِمَا الْوَسْوَاسَ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّي الصَّلَاةَ، وَلَعَلَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا، أَوْ تُسْعُهَا، أَوْ ثُمُنُهَا، أَوْ سُبُعُهَا، أَوْ سُدْسُهَا» حَتَّى أَتَى عَلَى الْعَدَدِ. " (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015