فالقرناء هم الشياطين، زينوا لهم ما بين أيديهم من أمر الدنيا حتى آثروها، ودعوهم إلى التكذيب بالآخرة، وزينوا لهم ذلك حتى أنكروا البعث والحساب والجنّة والنار.

تسمية الأمور المحرمة بأسماء محببة:

ومن تغرير الشيطان بالإنسان وتزيينه الباطل أن يسمّي الأمور المحرمة، التي هي معصية لله، بأسماء محببة للنفوس خداعاً للإنسان وتزويراً للحقيقة، كما سمّى الشجرة المحرمة بشجرة الخلد، كي يزين لآدم الأكل منها: {قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه:120].

يقول ابن القيم:" ومنه ورث أتباعه تسمية الأمور المحرمة بالأسماء التى تحب النفوس مسمياتها، فسموا الخمر: أم الأفراح، وسموا أخاها بلقيمة الراحة، وسموا الربا بالمعاملة، وسموا المكوس بالحقوق السلطانية، وسموا أقبح الظلم وأفحشه شرع الديوان، وسموا أبلغ الكفر، وهو جحد صفات الرب، تنزيها، وسموا مجالس الفسوق مجالس الطيبة .... ". (?)

واليوم يسمون الربا الفائدة، والرقص والغناء والتمثيل وصناعة التماثيل فناً.

2 - الإفراط والتفريط:

يقول ابن القيم في هذه المسألة:" وما أمر الله عز وجل بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما تقصير وتفريط، وإما إفراط وغلو. فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخطيئتين، فإنه يأتي إلى قلب العبد فيستامه، فإن وجد فيه فتوراً وتوانياً وترخيصاً أخذه من هذه الخطة فثبطه وأقعده وضربه بالكسل والتواني والفتور، وفتح له باب التأويلات والرجاء وغير ذلك، حتى ربما ترك العبد المأمور جملة.

وإن وجد عنده حذرا وجداً وتشميراً ونهضة وأيس أن يأخذه من هذا الباب أمره بالاجتهاد الزائد وسول له أن هذا لا يكفيك وهمتك فوق هذا، وينبغي لك أن تزيد على العاملين، وأن لا ترقد إذا رقدوا، ولا تفطر إذا أفطروا، وأن لا تفتر إذا فتروا، وإذا غسل أحدهم يديه ووجهه ثلاث مرات فاغسل أنت سبعاً، وإذا توضأ للصلاة فاغتسل أنت لها، ونحو ذلك من الإفراط والتعدي، فيحمله على الغلو والمجاوزة وتعدي الصراط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015