وهو دائماً يخوف المؤمنين أولياءَه: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]، وأولياؤه جمع كبير: {) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)} [سبأ: 20، 21].
وَلَقَدْ ظَنَّ إِبلِيسُ أَنًّ هؤلاءِ الذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيِهِمْ سقَدْ يَتْبَعُونَهُ، وَأَنَّهُ قَدْ يَستَطِيعُ غَوَايَتَهُمْ وإِضْلاَلَهُمْ، فَدَعَاهُمْ إِلى الكُفْرِ وَالبَطَر، فَأَطَاعُوهُ وَعَصوا رَبَّهُمْ فَدَمَّرَهُمْ، فَصَدَق ظَنُّ إِبليسَ فِيهِمْ. وَلَمْ يَشُذَّ مِنْهُمْ عَنْ إِطَاعَةِ إِبليسَ إِلاّ فِئَةٌ قَلِيلَةٌ مُؤْمِنَةٌ ثَبَتَتْ عَلَى الإِيمَانِ.
وَلَمْ يَكُنْ لإِبلِيسَ عَلَيهِمْ مِنْ سُلْطَةٍ يَحْمِلُهُمْ بِها كَرْهاً عَلى الكُفْرِ، والبَطَرِ، والعِصْيَانِ، وَإنمَا دَعَاهُمْ فأَطَاعُوهُ وَقَدْ سَلَّطَهُ الله عَلَيهِمْ، لَيَخْتَبِرَهُمْ، لِيُظْهِرَ حَالَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ، وَيُصَدِّقُ بالثَّوابِ والعِقَابِ، مِمَّن هُوَ فِي شَكٍّ مِنْها، فَلاَ يُؤْمِنُ بِمَعَادٍ وَلا حَشْرٍ وَلاَ ثَوَابٍ وَلا عِقَابٍ. وَرَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ حَفِيظٌ عَلَى أَعمالِ العِبَادِ، لاَ يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ شيءٌ، وَهُوَ يُحْصِيهَا عَلَيهِمْ ثُمَّ يُجَازِيِهِمْ بِها فِي الآخِرَةِ إِنْ خَيْراً فَخَيْراً وَإِنْ شَرّاً فَشَرّاً. (?)
عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ , قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا قَائِلَةٌ , قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيَّ مِلْحَفَةٌ لِي إِذْ جَاءَنِي أَسْوَدُ يُعَالِجُنِي عَنْ نَفْسِي فَبَيْنَمَا هُوَ يُعَالِجُنِي إِذْ أَقْبَلَتْ صَحِيفَةٌ مِنْ رَقٍّ تَهْوِي مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى وَقَعَتْ عِنْدَهُ فَقَرَأَهَا فَإِذَا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مِنْ رَبٍّ أَكْبَرَ إِلَى أَكْبَرَ أَمَّا بَعْدُ: فَدَعْ أَمَتِي بِنْتَ عَبْدِ الصَّالِحِ فَإِنِّي لَمْ أَجْعَلْ لَكَ عَلَيْهَا سَبِيلًا فَانْتَهَرَنِي بِقَرْصَةٍ ثُمَّ قَالَ: أَوَلَا لَكَ قَالَتْ: فَمَا زَالَتِ الْقَرْصَةُ فِيهَا حَتَّى لَقِيتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. (?)