فَيَقُولُ لَهُمُ اللهُ تَعَالَى: اليَوْمَ لاَ يَنْتَفِعُ أَحَدٌ مِنْكُم بِشَيءٍ مِنَ الأًَصْنَامِ وَالأًَوْثَانِ التي عَبَدْتُمُوهَا وَأَشْرَكْتُمُوهَا بِالعبادة مع الله، طمعاً في نَفْعِهَا وَاتِّقَاءً لِضَرِّهَا. ثُمَّ يقولُ لَهُمْ تَعَالى مُقَرِّعاً وَمُوَبِّخاً: ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ التِي كُنْتُمْ تُكَذِّبُونَ بِهَا فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنيا، فَهَا أَنْتُمْ قَدْ عَايَنْتُموهَا، وأَدْرَكْتُمْ أَنَّهُ لا مَحِيصَ لَكُمْ عَنْهَا، فَلُومُوا أَنفُسَكُمْ عَلَى مَا قَدَّمَتْ أَيِديكُمْ. (?)
يعني أن الملائكة لم تأمرهم بذلك، وإنما أمرتهم بذلك الجن، ليكونوا عابدين للشياطين الذين يتمثلون لهم، كما يكون للأصنام شياطين.
الخلاصة:
والشيء الذي نخلص إليه أن الشيطان يأمر بكل شرّ، ويحث عليه، وينهى عن كلّ خير، ويخوف منه؛ كي يرتكب الأول، ويترك الثاني. كما قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268].
فالشَّيطَانُ يُخَوّفُ المُتَصَدِّقِينَ مِنْكُمْ مِنَ الفَقْرِ، لِتمْسِكُوا مَا بِأيدِيكُمْ، وَلا تُنْفِقُوهُ فِي سَبِيلِ مَرْضَاةِ اللهِ، وَيَأمُرُكُمْ بِارْتِكَابِ المَعَاصِي وَالمَآثِمِ، وَمُخَالَفَةِ الأَخْلاَقِ، وَاللهُ يَعِدُكُمْ بِالخَيْرِ وَالمَغْفِرَةِ وَالرِّزْقِ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ، وَبِمَا أَوْدَعَهُ اللهُ فِي الفِطَرِ السَّلِيمَةِ مِنْ حُبِّ الخَيْرِ. وَاللهُ وَاسعُ الرِّزْقِ وَالعَطَاءِ وَالمَغْفِرَةِ. عَليمٌ بِأحْوَالِكُمْ وَمَا فِيهِ خَيْرُكُمْ. (?)
وتخويفه إيانا الفقر بأن يقول: إن أنفقتم أموالكم افتقرتم، والفحشاء التي يأمرنا بها: هي كل فعلة فاحشة خبيثة من البخل والزنا وغير ذلك.
اشْتِغَاله بالمباحات الَّتِي لَا ثَوَاب فِيهَا وَلَا عِقَاب بل عقابها فَوَات الثَّوَاب الَّذِي فَاتَ عَلَيْهِ باشتغاله بهَا فَإِن عجز عَن ذَلِك نَقله إِلَى الْمرتبَة التي تليها وَهُوَ أَن يشْغلهُ بِالْعَمَلِ