وهكذا نحن فى الحياة .. طلاب العلم مثلا:
العاقلون المجدّون منهم، هم على طريق النجاح عند الامتحان، والمهملون الغافلون، هم على طريق الإخفاق ..
وقد يجدّ للعامل المجدّ ما يصرفه عن العمل والجدّ، فيخفق، ويجدّ للكسول المهمل ما يدفعه إلى الجدّ والتحصيل، فينجح. وكل سائر إلى القدر المقدور له .. ولكن سنّة الله قائمة فى الناس: أن لا ثمرة بغير عمل، ولا حصاد إلا بعد زرع!
وفى قوله تعالى: «وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا» .. فى هذا ما يسأل عنه، وهو: كيف يخاطب إبليس بهذا الخطاب الذي يشعر بالقرب: «كَفى بِرَبِّكَ»؟
والجواب على هذا،- والله أعلم- أن هذا الخطاب ليس لإبليس، وإنما هو التفات إلى الإنسان، الذي هو داخل فى عموم قوله تعالى: «إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ» وكأنهم بمشهد من هذا الخطاب .. ثم إنه بدلا من أن يجىء النظم بصيغة الجمع هكذا: «وكفى بربكم» جاء النظم القرآنى بصيغة المفرد «وَكَفى بِرَبِّكَ» .. وذلك لينظر كل إنسان إلى خاصة نفسه، وليعمل ما وسعه العمل على أن يتوقّى هذا الشيطان المترصد له، والمتربص به، وليكن مما يستعين به على ذلك أن يتوكل على الله، وأن يستعين به، وليجعل فى يقينه أنه من عباد الله، الذين لا سلطان للشيطان عليهم ..
ويجوز أن يكون الخطاب للشيطان، قهرا له: وإلزاما له بسلطان الربوبية، الذي خرج بكفره عن سلطانه .. وأنه مقهور مخذول، ليس له على عباد الله سلطان، وهو سبحانه وتعالى وكيلهم الذي يدفع عنهم كيده. (?)
وكثير من أرباب السلوك اعتنوا بذكر النفس وعيوبها وآفاتها، ولكنهم قصّروا في التعرف على عدوهم اللدود.