نفسه وما يبثه في النفس من شهوات ونزوات ويتمثل في أتباعه من المشركين وأهل الشر عامة. والمسلم يكافحه في ذات نفسه، كما يكافحه في أتباعه .. معركة واحدة متصلة طوال الحياة.
ومن يجعل اللّه مولاه فهو ناج غانم. ومن يجعل الشيطان مولاه فهو خاسر هالك: «وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً» ..
ويصور السياق القرآني فعل الشيطان مع أوليائه، في مثل حالة الاستهواء. «يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ، وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً».إنها حالة استهواء معينة هي التي تنحرف بالفطرة البشرية عن الإيمان والتوحيد، إلى الكفر والشرك. ولولا هذا الاستهواء لمضت الفطرة في طريقها، ولكان الإيمان هو هادي الفطرة وحاديها. وإنها حالة استهواء معينة هي التي يزين فيها الشيطان للإنسان سوء عمله، فيراه حسنا! ويعده الكسب والسعادة في طريق المعصية، فيعدو معه في الطريق! ويمنيه النجاة من عاقبة ما يعمل فيطمئن ويمضي في طريقه إلى المهلكة! «وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً» ..
وحين يرتسم المشهد على هذا النحو، والعدو القديم يفتل الحبال، ويضع الفخ، ويستدرج الفريسة، لا تبقى إلا الجبلات الموكوسة المطموسة هي التي تظل سادرة لا تستيقظ، ولا تتلفت ولا تحاول أن تعرف إلى أي طريق تساق، وإلى أية هوة تستهوى! وبينما هذه اللمسة الموقظة تفعل فعلها في النفوس، وتصور حقيقة المعركة، وحقيقة الموقف، يجيء التعقيب ببيان العاقبة في نهاية المطاف: عاقبة من يستهويهم الشيطان، ويصدق عليهم ظنه، وينفذ فيهم ما صرح به من نيته الشريرة .. وعاقبة من يفلتون من حبالته، لأنهم آمنوا باللّه حقاً. والمؤمنون باللّه حقا في نجوة من هذا الشيطان لأنه - لعنة اللّه عليه - وهو يستأذن في إغواء الضالين، لم يؤذن له في المساس بعباد اللّه المخلصين. فهو إزاءهم ضعيف ضعيف كلما اشتدت قبضتهم على حبل اللّه المتين: «وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً. يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ، وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً. أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ، وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ