ولم تكن دمشق آنذاك كثيرة العدد مكتظة السكان، ولكن حسبها أنها أخرجت كل ما فيها، وكما قيل: الجود من الموجود، ولقد تراوحت تقديرات المؤرخين لأعداد الحاضرين بين الخمسين ألفاً وبين المائتي ألف.

وها هو شيخ الإسلام يرحل عن هذه الحياة الدنيا، ويغيب عنها ليجتمع مع خصومه بين يدي ملك الملوك الذي لا يظلم مثقال ذرة.

ولئن غيبت الأرض شيخ الإسلام، فإن علمه حاضر بين العالمين، وقد جعل الله له لسان صدق في الآخرين، وها هم أعداؤه قد غادروا أيضاً هذه الحياة، فهلكوا لا يدري عنهم أحد، وأما شيخ الإسلام فذكره الطيب على كل لسان، من أهل العلم المنصفين، وجماهير أهل السنّة الصالحين.

اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

اللهم اجعل ما قدمه في خدمة دينك وكتابك وأمتك في موازين حسناته، في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

اللهم اجزه خير الجزاء، واجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

اللهم اكتب له بكل حرت كتبه حسنة وضاعفها، وتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة.

اللهم عليك بمن خاصمه في الدين، وسعى لإطفاء نور السنّة، واستمات في نصر البدعة، وعليك اللهم بكل من نال منه من أعداء كتابك، وسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -.

اللهم انفع الأمة بعلمه وكتبه ويسر لها من يخدمها ويقوم على نشرها، واجعلها قذى في أعين المبتدعين، وشوكة تغص بها قلوب الحاقدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015