المشتري السلعة، وصاحب القياس الفاسد يقول للمشتري: أن يشتري ما شاء أين شاء! ! وقد اشترى يرضى البائع.

والشارع رعى المصلحة العامة، لأن الجالب إذا لم يعرف السعر، ولا أخبر بثمن المثل، كان المشتري قد غرَّه، وليس ذلك من الصدق والنصح في شيء، إنما هو خيانة وغش، فإن أضاف إليها كذبًا صريحًا مثل أن يقول: قد أعطيت فوق ما يساوي في سوقه، لأجل حاجتي إلى ذلك، ونحو هذا مما يستعمله من لا عناية له بمطعمه ومشربه، ومن جل قصده تثمير المال، والمفاخرة والمكاثرة بحسن المخادعة في البيوع، وكل ذلك محرم محذور.

ولذلك ألحق مالك وأحمد كل سليم الصدر في الفهم، لا يساوم، ولا يماكس (?) بالجالب، فلا يؤخذ من هؤلاء إلَّا قيمة المثل، وأن يقنع في معاملتهم بأيسر الربحين، لأنهم جاهلون (?) بالسعر، والبيع يعتبر فيه الرضا، والرضا تبع للعلم، وأما إذا لم يعلم المشتري بسعر المبيع، ولا الجيد من جنسه، فاستسلم للبائع، فإنما رضاه باختياره له، وليس ذلك الرضا المشترط في صحة البيع.

وأما إذا علم أنَّه غبن في المشترى، ودلس عليه في جنسها ورضي، فهذا لا بأس به، لأنه يجوز للعبد أن يترك بعض حقه، وهو يقدر على استيفائه، وإذا أخذ منه ثمن المثل ولم يرض، لم يلتفت إلى سخطه.

ولهذا أثبت الشارع الخيار لمن يعلم العيب والتدليس (?)، فإن الأصل في السلعة الصحة، وأن يكون الظاهر كالباطن، فإذا اشترى على ذلك اعتبر رضاه، فإذا اطلع على عيب أو غبن، فهو كالجالب الجاهل بقيمة المثل إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015