ولهذا أمرنا الله تعالى أن نقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 6، 7]، والمغضوب عليهم علموا الحق فلم يحبوه ولم يتبعوه، والضالون قصدوا الحق لكن بجهل وضلال به وبطريقه، فهذا بمنزلة العالم الفاجر، وهذا بمنزلة العابد الجاهل، وهذا حال اليهود فإنهم (?) مغضوب عليهم، وهذا حال النصارى فإنهم ضالون (?).
كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون" (?).
والمتفلسفة أسوأ حالًا من اليهود والنصارى، فإنهم جمعوا بين جهل هؤلاء وضلالهم، وبين فجور هؤلاء وظلمهم، فصار فيهم من الجهل والظلم ما ليس في اليهود ولا النصارى، حيث جعلوا السعادة في مجرد أن يعلموا الحقائق، حتى يصير الإنسان عالمًا معقولًا مطابقًا للعالم الموجود (?).
ثم لم ينالوا من معرفة الله وأسمائه وصفاته وملائكته وكتبه ورسله وخلقه وأمره إلا شيئًا نزرًا (?) قليلًا، فكان جهلهم أعظم من علمهم، وضلالهم أكبر من هداهم، وكانوا مترددين بين الجهل البسيط والجهل المركب (?)، فإن كلامهم في الطبيعات والرياضات (?) لا يفيد كمال النفس وصلاحها وزكاها (?)، وإنما يحصل ذلك بالعلم الإلهي، [وكلامهم] (?) فيه