وحقيقة الأمر أن اسم الإيمان يستعمل تارة هكذا وتارة هكذا كما قد تقدم، فإذا قرن اسم الإيمان بالإسلام أو العمل كان دالًا على الباطن فقط، وإن أفرد اسم الإيمان فقد يتناول الباطن والظاهر، وبهذا تأتلف النصوص.
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" (?) أفرد لفظ الإيمان فدخل فيه الباطن والظاهر.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل عليه السلام: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وفي ورسله واليوم الآخر" ذكره مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت" (?).
فلما قرنه باسم الإسلام ذكر ما يخصه، فالاسم في ذلك الحديث مجرد عن الاقتران (?)، وفي هذا الحديث مقرون باسم الإسلام.
وكذلك اسم الإسلام إذا جرد كما في قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] (?).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] دخل فيه الباطن، فلو أتى بالعمل الظاهر دون الباطن لم يكن ممن أتى بالدين الذي هو عند الله الإسلام.
وأما إذا قرن الإسلام بالإيمان كما في قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14].