المحنة في منتصف شهر ربيع الأول من سنة (718 هـ)، حيث أشير عليه بترك الإفتاء في مسألة الحلف بالطلاق، فأجاب رحمه الله إلى ذلك، وجاء مرسوم من السلطان بمنعه من الإفتاء في تلك المسألة، ونودي بذلك في البلد، ولكن الشيخ رأى بعد ذلك أنه لم يعد يسعه كتمان العلم، فعاد إلى الإفتاء بها، وكان ذلك سببًا عند متعصبة المذاهب وفاسدي البصائر لسجنه في القلعة نحوًا من ستة أشهر، وكان ذلك في الثاني والعشرين من شهر رجب عام (720 هـ)، ثم عاد إلى سابق عهده من التدريس والتأليف والتصنيف والإفتاء (?).

7 - المحنة الأخيرة: وذلك بسبب فتواه في عدم جواز شد الرحل وفصد السفر إلى قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما زال أعداؤه يتربصون به الدوائر، وينقبون في كلامه وفتاويه حتى وجدوا ضالتهم المنشودة في تلك الفتوى التي أفتى بها منذ سبعة عشر عامًا، وفي اليوم السادس عشر من شهر شعبان من سنة (726 هـ)، اعتقل شيخ الإسلام رحمه الله في قلعة دمشق التي طالما حرص على حمايتها، فهو اليوم حبيس فيها، وكان آخر العهد به في حياة الناس العامة التي شغلها بفكره وعلمه ودعوته وجهاده (?).

وما كان موقفه في تلك المحن العصيبة والأحداث الكبيرة، غير الصبر والسلوان، بل الفرح والسرور والرضا والاطمئنان لعلمه بعواقب المحن، ولما جاء قرار الاعتقال ما زاد عن قوله: "أنا كنت منتظرًا لذلك، وهذا فيه خير كثير ومصلحة كبيرة! ! " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015