وبهذا يتبين (?) لك أن من زعم من أهل الكلام والنظر أنهم عرفوا الله تعالى حق معرفته، بحيث لم يبق له صفة إلا عرفوها، وأن ما لم يعرفوه ولم يقم لهم دليل على ثبوته كان معدومًا منتفيًا في نفس الأمر، قوم غالطون مخطئون متدعون ضالون، وحجتهم في ذلك داحضة، فإن عدم الدليل لا يستلزم عدم المدلول عليه، وعدم العلم ليس علمًا بالعدم (?)، فليس (?) عدم العلم القطعي أو الظني على الشيء دليلًا على انتفائه، إلا أن يعلم أن ثبوته مستلزم لذلك الدليل، مثل أن يكون الشيء لو وجد لتوفرت الهمم والدواعي على نقله، فيكون هذا لازمًا لثبوته، فيستدل بانتفاء اللازم على انتفاء الملزوم، كما يعلم أنه لو كان بين الشام والحجاز مدينة عظيمة مثل بغداد ومصر لكان الناس ينقلون خبرها، فإذا نقل ذلك واحد واثنان وثلاثة علم كذبهم.
وكما يعلم أنه لو ادعى النبوة أحد على عهد (?) النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل مسيلمة الكذاب (?)