بل سائر الأعراض من الحركة والسواد والبياض ونحو ذلك، فإذا كانت القدرة على الشيء تتفاوت (?) وكذلك (?) الإخبار عنه يتفاوت، وإذا قال القائل: العلم بالشيء الواحد لا يتفاضل، كان بمنزلة قوله: القدرة على المقدور الواحد لا [تتفاضل] (?)، وقوله: ورؤية الشيء الواحد لا [تتفاضل] (?)، ومن المعلوم أن الهلال المرئي يتفاضل الناس في رؤيته، وكذلك سمع الصوت الواحد يتفاضلون في إدراكه، وكذلك الكلمة الواحدة يتكلم بها الشخصان ويتفاضلون في النطق بها، وكذلك شم الشيء الواحد وذوقه يتفاضل الشخصان فيه.

فما من صفة من صفات الحي وأنواع إدراكاته وحركاته، بل وصفات غير الحي (?) إلا وهي تقبل التفاضل والتفاوت إلى ما لا يحصره البشر، حتى يقال: ليس أحد من المخلوقين يعلم شيئًا من الأشياء مثلما يعلمه الله من كل وجه، بل علم الله تعالى بالشيء أكمل من علم غيره به كيف ما قدر الأمر، وليس تفاضل العلمين من جهة الحدوث والقدم فقط، بل من وجوه أخرى.

والإنسان يجد في نفسه أن علمه بمعلومه يتفاضل حاله فيه، كما يتفاضل حاله في سمعه لمسموعه، ورؤيته لمرئيه، وقدرته على مقدوره، وحبه لمحبوبه، وبغضه لبغيضه، ورضاه لمرضيه (?)، وسخطه بمسخوطه (?)، وإرادته لمراده، وكراهته (?) لمكروهه، ومن أنكر التفاضل في هذه الحقائق كان مسفسطًا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015