فلقد كان لحكام المسلمين وأمرائهم من دعوته المجال الرحب، فها هو يسافر إلى مصر حيث مقر السلطان، ويحثه على المسير إلى الشام لمناجزة التتار، والذب عن حياض المسلمين، وكان مما قاله للحكام هناك: "إن كنتم أعرضتم عن الشام وحمايته، أقمنا له سلطانًا يحوطه ويحميه ويستغله زمن الأمن .. ولو قدر أنكم لستم حكام الشام ولا ملوكه، واستنصركم أهله، وجب عليكم النصر، فكيف وأنتم حكامه وسلاطينه وهم رعاياكم وأنتم مسؤولون عنهم .. " (?).

ولقد توجت تلك الجهود الكبيرة التي بذلها شيخ الإسلام في جهاد التتار، بالمنقبة الحميدة والمأثرة الجليلة التي تجلت في معركة "شقحب" وكانت الكثرة في العدد والعدة تميل لصالح كفة التتار الجائرة أصلًا، واعتقد الناس أنه لا طاقة لجيش المسلمين بهذه الجيوش المتكاثرة من التتار، ولكن شيخ الإسلام يؤمن أن النصر لعباده المؤمنين، وأنه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين، وبلغ التوكل واليقين بنصر الله وفضله وكرمه أن قام شيخ الإسلام يطوف بين صفوف المقاتلين من المجاهدين حالفا مؤكدًا أن النصر في هذه الكرة للمسلمين، فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله! ! فيقول: إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا، ويفتي الشيخ الناس بالفطر في رمضان للتقوي على مجاهدة أتباع قازان، وحين تردد بعض الناس في قتالهم لدعواهم الإسلام، بين رحمه الله أن هؤلاء من جنس الخوارج المارقين الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?).

وقد تحقق ما وعد به الشيخ، وما انفك يحلف به، وأنزل الله النصر على المسلمين، فأوقعوا بالتتار يقتلون فريقًا، ويأسرون فريقًا، وكانت معركة مهولة ذكرت المسلمين بموقعة عين جالوت، ولم تكد تقم للتتار بعدها قائمة، وقاتل فيها شيخ الإسلام قتالًا عجيبًا، وكان الناس في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015