العمل به (?)، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: "إنك امرؤ فيك جاهلية" (?)، لما ساب الرجل وعيره بأمه.
إذ (?) قال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26]، فإن الغضب والحمية يحمل المرء على فعل ما يضره، وترك ما ينفعه، وهذا من الجهل الَّذي هو عمل بخلاف العلم، حتى يقدم المرء على فعل ما يعلم أنَّه يضره، وترك ما يعلم أنَّه ينفعه، لما في نفسه من البغض والمعاداة لأشخاص وأفعال، وهو في هذه الحال ليس عديم العلم والتصديق بالكلية، لكنه لما في نفسه من بغض وحسد غلب موجب ذلك لموجب العلم، فدل على ضعف العلم لعدم موجبه ومقتضاه، ولكن ذلك الموجب والنتيجة لا يوجد (?) عنه وحده، بل عنه وعما في النفس من حب ما ينفعها، وبغض ما يضرها، فإذا حصل لها مرض ففسدت به أحبت ما يضرها، وأبغضت ما ينفعها، فتصير النفس كالمريض الَّذي تناول ما يضره لشهوة نفسه له، مع علمه أنَّه يضره.
قلت: هذا معنى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات" رواه البيهقي مرسلًا (?).