أنَّه لا يكون إيمانًا بمجرد ظن وهوى، بل لا بد في أصل الإيمان من قول القلب، وعمل القلب.
وليس لفظ الإيمان مرادفًا للفظ التصديق كما تظنه (?) طائفة من الناس، فإن التصديق يستعمل في كل خبر، فيقال لمن أخبر بالأمور المشهودة (?) مثل قوله (?): الواحد نصف الاثنين، والسماء فوق الأرض مجيبًا: صدقت، وصدقنا بذلك، ولا يقال: آمنا لك، ولا آمنا بهذا، حتَّى يكون المخبر به من الأمور الغائبة، فيقال للمخبر: آمنا له، وللمخبر به آمنا به، كما قال إخوة يوسف: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] أي بمقر لنا، ومصدق لنا، لأنهم أخبروه عن غائب.
ومن قوله تعالى: {قَالُوا (?) أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111].
وقوله تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61].
وقوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47].
وقوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)} [الدخان: 21].
{فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} [يونس: 83] أي: أقر له.
وذلك أن لفظ الإيمان [يفارق التصديق] (?) لفظًا ومعنى، فإنه أيضًا يقال: صدقته، فيتعدى بنفسه إلى المصدق، ولا يقال: آمنته، إلَّا من الأمان الَّذي هو ضد الإخافة، بل يقال (?): آمنت له، وإذا ساغ أن يقال: ما أنت بمصدق لفلان، كما يقال: هل أنت مصدق له؛ لأن الفعل المتعدي بنفسه، إذا قدم مفعوله عليه، أو كان العامل اسم فاعل ونحوه، مما يضعف عن الفعل، فقد يعدونه باللام تقوية له كما يقال: عرفت هذا، وأنا به عارف، وضربت هذا، وأنا له ضارب، وسمعت هذا، ورأيته وأنا له سامع