أنَّه لا يكون إيمانًا بمجرد ظن وهوى، بل لا بد في أصل الإيمان من قول القلب، وعمل القلب.

[لفظ النصارى ليس مرادفًا للفظ الإيمان في اللغة]

وليس لفظ الإيمان مرادفًا للفظ التصديق كما تظنه (?) طائفة من الناس، فإن التصديق يستعمل في كل خبر، فيقال لمن أخبر بالأمور المشهودة (?) مثل قوله (?): الواحد نصف الاثنين، والسماء فوق الأرض مجيبًا: صدقت، وصدقنا بذلك، ولا يقال: آمنا لك، ولا آمنا بهذا، حتَّى يكون المخبر به من الأمور الغائبة، فيقال للمخبر: آمنا له، وللمخبر به آمنا به، كما قال إخوة يوسف: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] أي بمقر لنا، ومصدق لنا، لأنهم أخبروه عن غائب.

ومن قوله تعالى: {قَالُوا (?) أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111].

وقوله تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61].

وقوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47].

وقوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)} [الدخان: 21].

{فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} [يونس: 83] أي: أقر له.

وذلك أن لفظ الإيمان [يفارق التصديق] (?) لفظًا ومعنى، فإنه أيضًا يقال: صدقته، فيتعدى بنفسه إلى المصدق، ولا يقال: آمنته، إلَّا من الأمان الَّذي هو ضد الإخافة، بل يقال (?): آمنت له، وإذا ساغ أن يقال: ما أنت بمصدق لفلان، كما يقال: هل أنت مصدق له؛ لأن الفعل المتعدي بنفسه، إذا قدم مفعوله عليه، أو كان العامل اسم فاعل ونحوه، مما يضعف عن الفعل، فقد يعدونه باللام تقوية له كما يقال: عرفت هذا، وأنا به عارف، وضربت هذا، وأنا له ضارب، وسمعت هذا، ورأيته وأنا له سامع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015