صار صاحبه كافراً، قيل له: ليس للإيمان حقيقة واحدة، مثل حقيقة [مسمى مسلم] (?) في حق جميع المكلفين في جميع الأزمان بهذا الاعتبار، مثل حقيقة السواد والبياض، بل الإيمان والكفر يختلف باختلاف المكلف، وبلوغ التكليف له، ونزول (?) الخطاب الذي به التكليف ونحو ذلك.
وكذلك الإيمان الواجب على غيره مطلقاً (?) و (?) لا مثل الإيمان الواجب عليه في كل وقت، فإن الله تعالى [لما] (?) بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً إلى الخلق، كان الواجب على الخلق تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، ولم يأمرهم حينئذ بالصلوات الخمس، ولا صيام شهر رمضان، ولا حج البيت، ولا حرم عليهم الخمر والربا، ونحو ذلك، ولا كان أكثر القرآن قد نزل [فمن] (?) صدقه حينئذ فيما نزل من القرآن، وأقر بما أمر به من الشهادتين وتوابع ذلك، كان ذلك الشخص حينئذ مؤمناً تام الإيمان الذي وجب عليه، وإن كان مثل ذلك الإيمان لو أتى به بعد الهجرة لم يقبل منه، ولو اقتصر عليه كان كافراً.
قال الإمام أحمد: "كان بدء الإيمان ناقصاً فجعل يزيد حتى كمل" (?).
ولهذا قال تعالى عام حجة الوداع: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3].